نستعرض قصة قامة من قامات الطب، أول طبيب سعودي في جراحة المخ والأعصاب اللواء الطبيب البروفيسور العالم خلف بن ردن المطيري - رحمه الله -.
ولد عام 1948 في مدينة الطائف غرب المملكة العربية السعودية، وتربى فيظل والدين داعمين ومشجعين على العلم والتعليم، وكان منذ طفولته رمزًاللنباهة والبر والطموح.
تخرج من ثانوية الطائف بتفوق عام 1966، ومنها انطلق إلى ألمانيا لدراسةالطب في جامعة بون عام 1968 حتى تخرج منها بمرتبة الشرف عام 1975. وفي نفس العام عاد إلى الوطن ليعمل بالمستشفى العسكري في مدينةالرياض كطبيب عام مقيم لمدة عامين، حيث كانت القوات المسلحة تختارمجموعة من الطلاب للعمل.
أثناء عمله في مستشفى العسكري كطبيب عام مقيم اندلعت الحرب الأهليةفي لبنان، فشارك فيها ثمانية أشهر ضمن الفريق الطبي مرافقًا لقواتالردع التي كانت مشاركة هناك.
بعد ثمانية أشهر من تقديم المساعدة الطبية الحرب الأهلية في لبنان وعودتهإلى الرياض، تلقى خبر وفاة والده. رغم صعوبة ما مر به من فقدان الوالد إلاأنه كان دافعًا لإكمال دراسته واختيار تخصصه الدقيق.
فعاد مرة أخرى إلى ألمانيا وتخصص في جراحة المخ والأعصاب في جامعةهانوفر، التخصص الذي كان يجذبه منذ فترة الامتياز والذي قرر التخلي عنجراحة القلب من أجله. كان يقضى تدريبه منذ العام الأول في أقسامالحوادث، الذي ساعده كثيرًا في تطوير موهبته والتعرف على حالات متنوعة.
تخرج من جامعة هانوفر الألمانية وحصل على الزمالة والدكتوراه في جراحةالمخ والأعصاب بتفوق ونقش اسمه على البورد الألماني عام 1983، ومنهاانتقل إلى المملكة المتحدة لدراسة اللغة الإنجليزية لمدة شهرين. وأخيرًا عادإلى الوطن ليكون أول طبيب سعودي متخصص في جراحة المخ والأعصاب.
والتحق بمستشفى الشميسي المركزي في الرياض، وبعد عدة أشهر انتقلإلى المستشفى العسكري ليؤسس قسم علوم الأعصاب وأول وحدة جراحةأعصاب في المملكة العربية السعودية، عام 1983. أثناء عمله في المستشفىالعسكري التحق بالدورة العسكرية لمدة 45 يومًا، وتخرجَ منها بعد 5 أعوامبرتبة نقيب.
ساهم بعطاء في مجاله ليصنع أساسًا تحتذى فيه أجيال من بعده ففي عام1987 ساهم بإنشاء برنامج التدريب السعودي في جراحة المخ والأعصابمع جامعة الملك فيصل ومستشفى الملك فيصل التخصصي، وفي عام 1994 قام بتوسيع البرنامج على المستوى الوطني ليصبح برنامج البورد السعوديفي جراحة المخ والأعصاب،
وشغل فيه منصب رئيس مجلس الإدارة لعدة أعوام. وفي عام 1996 دعا كبارجراحي الأعصاب الرائدين من 14 دولة عربية مختلفة إلى مكتبه بالمستشفىالعسكري لتأسيس الاتحاد العربي لجراحة المخ والأعصاب، وكان أول رئيسله، وفي عام 1997 أصدر مجلة دورية عنه، وشغل منصب رئيس التحريرفيها إضافة إلى عدة المجلات العلمية التي كان يكتب فيها.
سمعته في الالتزام والشغف والعلم لم تكن محصورة على العالم العربيفقط، بل العالم أجمع. فبعد انضمامه إلى الاتحاد العالمي لجراحة الأعصابأُنتخب عام 2001 كنائب ثان لرئيس الاتحاد، وعام 2005 كنائب أول، بعدحصوله على درجة بروفيسور أستاذ جراحة أعصاب من جامعة بلمند فيلبنان عام 2004.
عام 2005 كان مميزًا لـ الطبيب اللواء خلف، إضافة إلى منصب نائب أوللرئيس الاتحاد العالمي لجراحة الأعصاب حصل على ثالث الأوسمةالسعودية درجة من حيث الترتيب بالنسبة إلى الأوسمة السعودية (وسام الملكعبدالعزيز من الدرجة الأولى)، الذي منح له تقديرًا لسجله الحافل بالعطاء.
واستمر يحصل على العديد من الأوسمة والجوائز لإنجازاته الوطنية والدوليةالمتفانية وتقلد المناصب، فقد تولى إدارة مستشفيات القوات المسلحةبالمنطقة الوسطى، وفي عام 2009 حصل على ميدالية الشرف WFNSوعُين رئيس لجنة جراحي الأعصاب للعسكريين في الاتحاد العالمي لجراحةالأعصاب.
وفي عام 2016 حصل على الجائزة الذهبية للجمعية السعودية لجراحيالأعصاب (SANS) عن الإنجاز المستمر مدى الحياة في جراحة المخوالأعصاب. فرغم قيادته للمناصب الإدارية استمر بشغف بالقيام بواجبهكطبيب وأجرى العمليات بكفاءة،.
وكان لهذه الموهبة والكفاءة والإخلاص في العمل نصيب كبير من دعم القيادةالرشيدة وثقتهم، فقد كان أصحاب السمو والأمراء يثنون عليه وعلى عملهوينادونه في بعض الأمور للاستشارة، وقد استشاره الأمير سلطان بنعبدالعزيز - رحمه الله - في حالة حفيده بعد تعرضه لإصابة بحادث مروري.
وكان الطبيب اللواء خلف المطيري يقول "إن الإنسان إذا أحب مهنته فتسهلحياته وسوف يعطي ويبدع كثيرًا"، لذلك لم يتدخل في سير دراسة أبنائهرغم تفوقهم. واثنان فقط من أبنائه أطباء.
27 يناير 2018 انتقل إلى رحمة الله اللواء الطبيب البروفيسور العالم أولطبيب سعودي في جراحة المخ والأعصاب خلف بن ردن المطيري بعد صراعهمع مرض السرطان، خلف من بعده أثر طيب وعلم نافع يتمثل بأكثر من 144 بحثًا علميًا، ووقعًا لكل حالم بدراسة المخ والأعصاب في السعودية والعالم العربي.
المراجع:
Comments