تقنية التعرف على الوجه هي نظام برمجي يقوم بتحديد هوية الشخص من خلال وضع عدة نقاط رئيسية على الوجه، هذه النقاط عادة تكون حول العينين والأنف والشفاه، يتم ربطها معا، لتشكيل توقيع معين فريد؛ بحيث لا يمكن لشخصين أن يكون لهما نفس التوقيع.
يتم تسجيل هذا التوقيع بشكل أولي لحفظه ومطابقته لاحقا لإثبات هوية المستخدم في مجالات واسعة، بدءا بأبسط العادات كإلغاء تأمين شاشة الهواتف الذكية، مرورا بتسجيل الحضور في أماكن العمل، إلى الهوية الوطنية وفي المطارات وسحب الأموال من الصراف الآلي أو حتى القبض على المطلوبين من العدالة.
وتعد الصين من أكثر الدول التي تستخدم أنظمة التعرف على الوجه في شتى المجالات، إلى حد أن عدم وجوده سيعرقل الحياة اليومية للملايين، ومع انتشار فيروس كورونا COVID-19 في البلد، أجبِر السكان على ارتداء القناع الطبي في أغلب الأوقات، والذي أدى إلى استحالة التعرف على الأفراد نظرا لتغطيته أهم نقاط تحديد الوجه.
هذه المشكلة دفعت الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تطوير برمجيات تقوم بتحديد الهوية ليس فقط عند ارتداء الأقنعة، بل الأوشحة والنظارات واللحى المزيفة والقبعات التي تخفي معظم الوجه، وذلك بتعيين النقاط على أجزاء الوجه المرئية فقط، وتطابقها للصورة الأساسية للشخص.
من الشركات التي بادرت بتطويرهذه الأنظمة شركة SenseTime حيث قامت بتكثيف عدد النقاط الرئيسية إلى 240 نقطة يتم قراءتها من المناطق المكشوفة على الوجه، ويصبح بالإمكان قراءة وجوه حتى في الصور غير الواضحة والضبابية؛ بسبب زيادة عدد النقاط والتي تؤدي إلى نتائج أفضل لمطابقة الهوية.
شركة Hanvon قدمت حلا متكاملا حيث وصلت دقة التعرف على الأفراد الذين يرتدون الأقنعة إلى 95% في نظام التعرف على الوجه FaceGo، وهذا النظام يمكنه التعرف على حشد من 30 شخص خلال ثانية واحدة، وإذا تم توصيله بمستشعر حرارة يصبح قادرة على فحص المصابين بالحمى المشتبه بهم بالفيروس وتحديد هويتهم بنفس الوقت، ويتوقع أن يتم تركيب الأنظمة هذه في 20 مقاطعة في الصين.
شركة Baidu طورت نموذج مسح للوجوه تقوم بتحديد الأشخاص الذين لا يرتدون أقنعة طبية باستخدام الذكاء الاصطناعي بدقة تصل إلى 96.5%. وشركة Megvii التي طورت نظام فحص الحمى عن بعد عن طريق تحديد موقع الجبهة وتوجيه حساسات الأشعة تحت الحمراء وقياس درجة الحرارة لما يقارب 300 شخص في الدقيقة، لتقليل التلامس وتسريع عملية الفحص في محطات القطارات والمطارات بمعدل خطأ 0.3 درجة سيليزية.
هذه التقنية ليست جديدة فعليا وإنما تم تحسينها أكثر، حيث قام باحثون من جامعة برادفورد بقيادة البروفيسور حسن عقيل وفريقه باستخدام الآلة المتعلمة في تطوير نموذج للتعرف على نصف الوجه بدقة مطابقة وصلت إلى 100%، وذلك استخدام شبكة عصبونية التفافية (نوع من البرامج الحاسوبية تحاكي عمل العصبونات الحيوية، وتعد من أفضل طرق معالجة الصور). استخدموا في تدريب نموذجهم قاعدة بيانات تحتوي على 2800 صورة، لكن دقة تحديد الوجوه المكشوفة من الجزء السفلي وصلت على 60-40%، قاموا بإعادة التجربة بتدريب الآلة على الصور الجزئية، وتحسنت النسبة إلى 90%.
ومن التقنيات الأخرى التي تمت تطويرها في سبيل مواجهة تفشي الوباء في الصين تطوير مساعد صوتي ذكي لمراقبة ومساعدة الأشخاص تحت الحجر الصحي المنزلي ولتقديم النصائح الطبية وإرسال البيانات بشكل دوري للمراكز الصحية، واستخدام منظفات روبوتية تقوم برش المطهر في المستشفيات بدلا عن عامل التنظيف البشري؛ لتقليل معدل العدوى من تطوير Shanghai Lingzhi للتقنية، حتى طائرات "درون" بدون طيار مزودة بمكبرات صوتية تم توظيفها من قبل السلطات الصينية، لمراقبة الساحات المفتوحة وتحديد الأشخاص الذين لا يرتدون أقنعة واقية، وإصدار تحذيرات صوتية وأوامر بمغادرة المكان.
وفي جامعة فودان في شنغهاي، طور الباحثون نظام ذكاء اصطناعي يقرأ صور رئة المرضى للمساعدة في تشخيص الفيروس. بالطبع لن يتم التخلي عن تشخيص الأطباء ولكنها ستكون أداة مساعدة لتسريع هذه العملية. وفي سبيل المساهمة في زيادة دقة التشخيص للحالات الصعبة تم تطوير منصة الكترونية تربط أطباء مستشفيات ووهان بأطباء باقي مقاطعات الصين وطلب المساعدة منهم، كما استُخدمت شبكات الجيل الخامس لزيادة سرعة نقل البيانات وإجراء مناقشات بجودة عالية عبر الانترنت.
كل هذه الجهود من قبل الحكومة والشركات الخاصة كانت في سبيل مواجهة تفشي فيروس كورونا COVID-19 والذي بدأ بالانتشار في أواخر العام المنصرم ويشهد حاليا انخفاضا كبير في تسجيل الحالات الجديدة في الصين.
بذلت السعودية جهودًا عظيمة في التصدي ضد الفيروس لحماية مواطنيها منه، ابتداءًا من التسهيلات الطبية وتعليق الدراسة وتوفير الحجر الصحي و تعزيز الوعي ومنع الرحلات ومراقبة المطارات و تقليل التجمعات مما كان له الأثر البارز في الحد من انتشاره بشكل كبير
المصادر:
https://www.scmp.com/tech/big-tech/article/3052014/wearing-mask-wont-stop-facial-recognition-anymore
Comments