top of page

هل الثقوب السواداء حارة أم باردة؟

من بين جميع الحالات النهائية التي قد يؤول إليها النجم، لاتوجد حالة أغرب من حالة الثقب الأسود، والذي إلى الآن توجد العديد من التساؤلات حوله. أحد هذه التساؤلات: هل الثقوب السوداء باردة أم حارة؟ دعونا نرى.. فكرة أن الثقب الأسود يمكن أن تكون له درجة حرارة تُجهد الخيال؛ فكيف يمكن أن تكون هناك درجة حرارة لشيء يمتص كل المادة والطاقة التي تقع داخله؟ عندما تشعر بدفء من ا لمدفأة، يعني في الواقع أنك تشعر بفوتونات الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من النار وا لمعدن أو الحجر ا لمحيط بها. والثقوب السوداء تمتص كل الطاقة التي تقع فيها؛ مما يعني أنه لايوجد أي إشعاعات تحت حمراء من ثقب أسود، ولا إشعاعات جاما ولا موجات راديو، لاشيء يخرج! مانتحدث عنه هنا هو درجة حرارة أفق الحدث للثقب الأسود. ولكي نتعرف عليها يجب أن نتطرق أوًلا إلى مفهوم إشعاع هوكينج: ربما تعتقد بأن الفراغ لايحتوي علىشيء ُمطلًقا،ولكن هذا ليس صحيح بحسب النظرية الكّمية،إذ توجد به جسيمات وجسيمات مضادة تظهر للوجود من اللامكان... وعادةً عند ظهور زوج من الجسيم وضديده فإنهما ُيبيدان بعضهما البعض فورًا. أما عند ظهورهم مباشرة في حافة أفق حدث الثقب الأسود فإن أحد الجسيمين يسقط بالثقب الأسود تاركًا الآخر يهرب حرًا إلى الكون، وهذا بفعل الجاذبية الهائلة للثقب ا لأسود. تمتلك الجسيمات التي يمتصها الثقب الأسود طاقة سلبية تقلل من طاقة وكتلة الثقب الأسود، وعندما يمتص كمية كافية من هذه الجسيمات سيختفي أو يتبخر، أما تيار الجسيمات الهاربة فيشكل ما ُيعرف بإشعاع هوكينج، وأكثر أنواع الجسيمات شيوعًا هو الفوتونات، التي تُعرف بالضوء وبالحرارة أي ًضا. الآن، من وجهة نظرك كمراقب خارجي، سوف ترى هذه الجسيمات (الفوتونات) تهرب من الثقب الأسود، وبما أن الفوتونات هي حاملات الطاقة الحرارية يمكنك قياس درجة حرارة الثقب ا لأسود. نستنتج أن درجة حرارة الثقب الأسود تتناسب عكسيًا مع كتلته وحجم أفق الحدث له، فزيادة عدد الفوتونات الهاربة من الثقب الأسود يعني زيادة الطاقة اللازمة لخروجها، وبما أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث فهذا يعني أن الثقب الأسود نفسه يوفر الكتلة التي تمد بالطاقة اللازمة لإطلاق هذه الفوتونات. بالتالي، إذا كانت الكتلة صغيرة، يعني أنها أمَدت بالكثير من الطاقة، وهذا ما يفسر التناسب العكسي. وهذا يعني أن الثقوب السوداء الضخمة تكون أبرد والثقوب السوداء الأصغر تكون أكثر حرارة!

وفي الواقع، توجد بعض الثقوب السوداء الكبيرة جدًا في الكون وتكون لها درجة حرارة 1.4 x 10^-1، وهذا منخفض جدًا! يكاد يكون صفرًا مطلقًا ولكن ليس تمامًا.


والشيء الأكثر إثارة للاهتمام هو تبخّر الثقوب السوداء. هذا يعني أنها ستفقد كتلتها ويتقلص حجمها، وعندها سوف تطلق المادة النهائية على صورة انفجار هائل للطاقة، والذي يجب أن يكون مرئيًا لتلسكوباتنا.. إشعاع هوكينج هو المسؤول عن تبخر هذه الوحوش الكونية. وعندما تصبح أصغر وأصغر، ستزداد سخونتها أكثر وأكثر.


ويجدر الذكر أيضًا بأن درجة الحرارة خارج الثقب الأسود مباشرةً تكون ساخنة بشكل لايُصدق..فالمادة التي تُسحب بفعل جاذبية الثقب الأسود تتسارع إلى أن تصل لسرعة تقارب سرعة الضوء. تتصادم جزيئات المادة مع هذه القوى التي يتم تسخينها إلى درجة حرارة تصل إلى مئات الملايين من الدرجات. وهذه هي المادة التي يراها الفلكيون عند دراستهم للثقوب السوداء.

ويقوم الإشعاع الذي يخرج من المادة بإخفاء كمية الإشعاع الصغيرة التي تهرب من الثقب نفسه. وبالتالي فإن ما يلاحظه الفلكيون هو البيئة الخارجية الحارة جدًا، بدلاً من البيئة الباردة المتجمدة في الداخل..

من الجنون الاعتقاد أن الجسم الذي يمتص كل الطاقة التي تقع فيه يمكن أن تنبعث منه طاقة أيضًا. ولكن، هذا هو الكون!.. شكرًا لقراءتكم.

 

المصادر:

١٣ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page